في ظل أزمات الجوع التي تعصف بالعديد من دول العالم، كان د. محمود أبوالعزم يعيش حالة من الاعتكاف العلمي داخل المعامل، باحثًا عن وسيلة تُنقذ الأطفال الذين نذر لهم حياته. ومن خلال مكونات بسيطة متوافرة في كل منزل، توصّل إلى تركيبة غذائية متكاملة تعتمد على معجون الفول السوداني، تحتوي على البروتينات والدهون والألياف والعناصر الأساسية التي يحتاجها الطفل يوميًا، في جرعة لا تتجاوز 150 سنتيمترًا مكعبًا محسوبة بدقة متناهية.
الفكرة انطلقت من بساطة المكونات؛ فالمزيج يتكوّن من معجون الفول السوداني والشوفان وجنين القمح وبودرة الحليب وزبدة الكاكاو والعسل، إضافةً إلى عناصر دقيقة مثل بودرة التمر وزيت جوز الهند ومكملات الفيتامينات، ليحصل الطفل على ما يحتاجه من كالسيوم وصوديوم ومغنيسيوم وفوسفور وجلوكوز وبروتين. العبقرية – كما يصفها الخبراء – لم تكن في المكونات نفسها، بل في النسب الدقيقة التي تضمن سلامة الطفل وكفاية احتياجاته دون أي تفاعلات ضارة بين المكونات داخل عبوة صغيرة بحجم كف اليد.
هذا الابتكار اللافت لاقى إشادة دولية واسعة، حيث كرّمه برنامج الغذاء العالمي تقديرًا لمساهمته في إنقاذ آلاف الأطفال من خطر الجوع وسوء التغذية حول العالم. وأكدت الجهات الإغاثية أن تركيبة أبوالعزم مثّلت نقلة نوعية في برامج التغذية الموجهة للأطفال من عمر ستة أشهر، نظرًا لتكلفتها البسيطة وفاعليتها العالية.
وصرّح د. محمود أبوالعزم قائلاً: «أنا لا أريد شيئًا لنفسي، أتمنى فقط أن تكون الأطفال بخير… وإن كان هذا إنجازًا، فأهديه لروح والدي الذي أوصاني بالمرضى خيرًا دون انتظار مقابل». كلمات تعبّر عن عالمٍ وهب علمه وإنسانيته لإنقاذ الصغار، فاستحق أن يُخلَّد اسمه بين من صنعوا الأمل في زمنٍ يشتد فيه الجوع