إعداد/ بسمة أبو زيد
مترجمة معتمدة وكاتبة وباحثة في التحول الرقمي
يشهد العالم اليوم تحولًا رقميًا غير مسبوق يقوده الذكاء الاصطناعي. ومع انتشار أدوات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، تثار التساؤلات حول طبيعة العلاقة بين الإنسان وهذه التكنولوجيا: هل هو تهديد لمهارات البشر أم فرصة لتعزيزها؟ الواقع أن الإجابة تكمن في كيفية توظيفنا لهذه التقنية ودمجها بشكل استراتيجي داخل بيئات العمل.
الذكاء الاصطناعي ليس بديلًا… بل امتداد للقدرات البشرية
الذكاء الاصطناعي يتفوق في تحليل البيانات الضخمة وتنفيذ المهام المتكررة بسرعة ودقة تفوق قدرات الإنسان، لكنه لا يمتلك الإبداع والتفكير النقدي الذي يتمتع به العامل البشري. هذا يجعل الشراكة بين الإنسان والآلة نموذجًا تكامليًا يعزز الإنتاجية بدلًا من الإحلال.
معدلات تبني الذكاء الاصطناعي في الأعمال
تشير أحدث الإحصاءات إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي أصبح شائعًا في المؤسسات التجارية حول العالم:
• 78% من الشركات تستخدم الذكاء الاصطناعي في وظيفة واحدة على الأقل داخل أعمالها، مقارنة بنحو 55% قبل عام واحد فقط، مما يدل على قفزة سريعة في الاعتماد على التكنولوجيا.
• 71% من الشركات تعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي في مهام مثل إنشاء المحتوى وتحليل البيانات.
• يتوقع أن يعمل أكثر من 100 مليون شخص في وظائف مرتبطة بالذكاء الاصطناعي بحلول عام 2026.
هذه الأرقام تُظهر أن الذكاء الاصطناعي لم يعد ترفًا تقنيًا أو عملية تجريبية، بل أصبح جزءًا فعليًا من العمليات التشغيلية في مختلف المجالات.
المكاسب الاقتصادية والتجارية
الشراكة بين البشر والذكاء الاصطناعي ليست محض فكرة مستقبلية، بل تؤتي ثمارًا واقعية في الأعمال:
• الشركات التي تعتمد الذكاء الاصطناعي تشهد زيادة في الإنتاجية تتراوح بين 26% و55%.
• في المتوسط، يحصد كل دولار يُستثمر في الذكاء الاصطناعي عائدًا يقارب 3.7 دولارات.
• 63% من الشركات أبلغت عن نمو في الإيرادات في المناطق التي استخدمت فيها الذكاء الاصطناعي.
من التهديد إلى الفرص: قراءة في سوق العمل
لا يمكن تجاهل المخاوف المتعلقة بالوظائف في ظل التوسع المتسارع للذكاء الاصطناعي، إلا أن النظرة الشاملة تكشف عن فرص حقيقية تتجاوز حجم التحديات؛ إذ تشير بعض التقديرات إلى احتمال فقدان نحو 85 مليون وظيفة تقليدية بحلول عام 2025، في مقابل إمكانية خلق ما يقرب من 97 مليون وظيفة جديدة في مجالات ترتبط بالتكنولوجيا والتحليل والتطوير. ويعكس ذلك أن التحول القائم لا يعني إلغاء الوظائف بقدر ما يمثل إعادة تشكيل عميقة لسوق العمل، تُعاد فيها صياغة الأدوار المهنية لصالح وظائف تتطلب مهارات بشرية متقدمة، مثل التفكير التحليلي والإبداعي واتخاذ القرار، بما يفتح آفاقًا جديدة أمام القوى العاملة القادرة على التكيف مع متطلبات العصر الرقمي.
وأخيرًأ، الذكاء الاصطناعي ليس منافسًا بقدر ما هو شريك يمكن أن يعزز قدراتنا إذا تم توظيفه بذكاء واستراتيجية واضحة. بالاستثمار في مهارات العاملين، واحتضان التكنولوجيا كعامل دعم ليس بديلًا، يمكن للمؤسسات أن تنتقل من حالة الخوف إلى حالة الابتكار والريادة. إن المستقبل لا يتعلق بالتكنولوجيا وحدها، بل بالتكامل بين الإنسان والآلة لبناء بيئة عمل أكثر إنتاجية وابتكارًا.
